في الثلاثين من عمري

في الثلاثينَ من عُمري

وقالت لي
مَكتوبٌ علي صَدري
أمواجٌ بِلا بَحرِ
في الثلاثينَ من عُمري
وأُعاني مِن هَجري
فكلُ ذَنبي أن ذُقتُ
حَلاوةَ الحُبِ في صِغَري
مع مَن استِطاعَ
أن يَدفع مَهري
في الثلاثين من عمري
ولم أعُد أُطيقُ
مَرارةَ الخُضوعِ والامتِثال
لم يَعُد يكفيني الحنانُ
كلامٌ بلا أفعال

لم أعُد أُطيقُ العيشَ كالتِمثال
في الثلاثين من عمري
ونِزفتُ مِنَ الدُّموعِ
ما يفوقُ كُلَ احتمال
أنامُ في فِراشي
أمتصُ إصبَعي كالأطفال
أنتظرُ المستحيل
وأحلمُ بأوهامٍ ومُحال
في الثلاثينَ مِن عُمري
وَحدي والعَذاب
في مَوعدٍ مَع السَّهرِ
أرتَدي أحليَ الثياب
لأُسامرَ الصبرِ
وطالَ غياب مَن مَلَّكوهُ أمري
ويا لَيتهُ كانَ في السفرِ

في الثلاثينَ مِن عُمري
ومَن مَلَّكوهُ أمري
أسكَنَني في قَصرِ
ولم يَعُد في شَرايينيَ يَسري
وليسَ بهِ ضيقٍ أو عُسرِ
شُهورٌ وسنينْ أبتغي ساعةَ اليُسرِ
وتَمرُ في لحظاتْ وأعودُ للصفرِ

في الثلاثينَ من عُمري
وقَلبي يَدُقُّ ناقوسَ الخطرِ
تُراوِدُني أشواقٌ مَلعونَةٌ
تَدورُ وتَلتفُ بِخاطِري
وأصيرُ كفراشة مَجنونَة
بين أمسي وحاضري
فَلِمَن يَلتفُ خِصري

ولِمَن أُصَففُ شَعري
لِمَن تَحمَرُ وَجنتيَّ كالجمرِ
مِن خَجلي من شوقي
مِن لَهفةِ قلبي وحَنيني
لِلِقاءِ حُبٍ لا يخشاهُ ضَميري

في الثلاثينَ من عُمري
لمَن أُكحلُ عَيني
ومَن يُداعِبُ أُذُني
بِهَمساتٍ تُذيبُ الصَّخرِ
ولمَساتٍ تنسابُ كالنهرِ
لِمَن تَتَفَتحُ الأزهارِ
في بُستاني لِمَن ؟!
لِمَن تُثمرُ الأشجارِ
في حَديقتي لِمَن ؟!

ومَن يَجني ثِماري
ومَن يُطفئُ ناري
في الثلاثينَ مِن عُمري

لِمَن أرتَدي ثَوبي الحَريري
لِمن يَذوبُ رَحيقَ عِطري
وآلافُ الأنوارِ
تُداعبُ كأسي
توحي لي بِملايينِ الأفكارِ
والشوقُ يُنادِني
وألفُ طَوقٍ يُطَوِّقُني
فَيُغِرقُني ليُنجيني
ومَن مَلَّكوهُ أمري
صامتٌ كالصخرِ

في الثلاثينَ مِن عُمري
مِن سِنين لمْ يَطرُقُ الحُبُ بابي
وأنوثتي تَنضحُ مِن خَلفِ ثيابي
تروي قصصاً لصمتي وعذابي
فتَفضَحُ ما أُخفيهِ في صَدري
فَيَسمَعُهُ الأصَمْ وَيَراهُ الكَفيف
وأعيشُ مُهمَلَةً كأوراقِ الخريف
فَلا فرقَ بين شتاءٍِ و صَيف
والربيعُ يَمرُ بنا كَالضَيف
ومَن يرحمُ قلبي الضَعيف
والشوقِ يَنهشُ في جَسدي النَّحيف

في الثلاثينَ من عُمري
داري هو قَبري
أُصارعُ فيه الأفكار

مِن إخلاصي وضَميري
أَلِفُ حَولي مَلايينَ الأسوار
فألفُ طَريقٍ يأخُذُني إلي النار
وأخشيَ عَليَ قَلبيَ أن يَنهار

في الثلاثينَ مِن عُمري
أحزاني خُلاصةُ الأحزان
فزماني أدماني بالحرمان
ودُموعي لمْ يَعُد لها مَكان
فَهُمومي تَسكُنُ كُلَ زمان
وأنا بَشرٌ أنا إنسان
أحييَ بالعطاء والحَنان
وَهَل يُداويَ الهَجر ؟!
بِالبُكاءِ والنِّسيان

في الثلاثينَ مِن عُمري
وضاقت بمشاعري صَدري
أأعيشُ مُستَسلمةً لِقهري ؟
أم هذا هو قدري
وأخرُ صَبري!؟
سهدٌ وسَهَر
يُعَطِّرُ وِسادتي وسَريري
فأينَ أطواقُ النَّجاة
أينَ حقي في الحياة
وقَد بلغ الصَبرُ مُنتَهاه
وما ذَهبت أيامُ صِباه
فبالله يا قَمري خَبِّرهُ بأمري
فيا وَيلها يا وَيلها
من تلقيَ نَفسَ مصيري
في الثلاثينَ مِن عُمري
أمجد حسني رياض